|
حرر المسلمون أقباط مصر وأرضها من الرومان الغاصبين، وفتحوها فتحًا عظيمًا مُؤزَّرًا، فما كان من المسلمين بعد فتح مصر إلا أن رأفوا بأهلها، وأكرموهم وأعزّوهم، وأعادوهم إلى الكرامة والسعادة البشريّة.. وعاد أقباط مصر أسيادًا بعد أن كانوا عبيدًا، وأعزةً بعد أن كانوا أذلّة، ومالكين بعد أن كانوا مملوكين، حتى دخل جُلّهم في دين الله أفواجًا.. ..
في البداية كانت دعوته صلى الله عليه وآله وسلم سرية لمدة ثلاث سنوات، حتى كون نواة الإسلام الأولى بعدها سارت الدعوة العلنية مسارها عشر سنوات في مكة، خلالها لم يستخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيًا من مظاهر استعمال القوة في التعامل مع مخالفيه، واستخدم الصبر وأمر المسلمين باستخدام الصبر كدرع ضد الاضطهاد والتعذيب الذي تعرضوا له.. ..
إن من أعظم الفرق أثرًا في تحريف التاريخ الإسلامي الشيعة الرافضة بمختلف طوائفها وفرقها، فهم من أقدم الفرق ظهورًا، ولهم تنظيم سياسي وتصور عقائدي، ومنهج فكري منحرف- وهم أكثر الطوائف كذبًا على خصومهم، كما أنهم من أشد الناس خصومة للصحابة كما سيأتي معنا- فسب الصحابة وتكفيرهم من أساسيات معتقدهم وأركانه، خاصة الشيخين أبا بكر وعمر ويسمونهما الجبت والطاغوت. ..
لقد تقطعتْ أوصالُ الأمة الإسلامية، وذهبت ريحُها بين الأُمراء والإمارات، وعاث الصليبيون في أرضِ الإسلام الفساد، وتسلَّط الفاطميون على بلاد المسلمين سنينَ ينشرون الكُفْرَ والإلحاد، وتعاون خونةُ الأمراء من المسلمين مع الفرنجة لإسقاط بعضهم، وبين كل ذلك ضاع المسلمون وعانَوُا الظلمَ والقهر على يد الفرنجة تارة، وعلى يد الأمراء الفاسقين تارة. ..
يتوهَّم الكثيرون بسبب النزعة القومية والوطنية، والاقتصار في الحكم على الدولة العثمانية في عصور انحطاطها، والمظهر اللامع للتطبيق الديمقراطي في شعوب أوروبا وأمريكا -المقصورة عليها وحدها دون شعوب العالم الثالث التابعة لها سياسيًّا واقتصاديًّا- يتوهَّمون بسبب كل هذا أن خلافة العثمانيِّين تَقترِن بالاستعمار الغربي، بآثامه ومآسيه، وفظائعه وأهواله، التي ما زِلنا نُعاني مِن آثاره الظاهرة والخفيَّة. ..
تركيا الحالية لم يكن لها وجود كدولة قبل الإسلام ولا في عصوره الأولى، حتى حدثت القصة الشهيرة بانتقال قبيلة (قابي) المنتمية إلى قبائل (الغز) ذات الأصل التركي من بلادها، وذلك في أوائل القرن السابع الهجري الموافق للثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادي؛ خوفًا من اكتساح التتار؛ حيث وجدوا معركة بين جيش السلاجقة المسلمين بقيادة السلطان علاء الدين الأول، وبين جيش الروم، فانضموا لإخوانهم المسلمين، وتحقَّق النصر لهم بفضل الله عز وجل. ..
كان فتحُ القسطنطينية حلمًا يراودُ المسلمين منذ فجر تاريخِهم، وبشَّر به الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يحدثَ بثمانيةِ قرون ونصف قرن، ومن ذلك ما رواه الإمامُ أحمد في مسندِه، وذكرَه ابنُ حجرٍ في الإصابة: «لتفتحنَّ القسطنطينيةَ، فنعم الأمير أميرها، ونعم الجيش ذلك الجيش»، وحاول كثيرٌ من الخلفاءِ والأمراء أن يحقِّقَ هذه البشرى، ويظفرَ بهذا الثَّناءِ النبوي، حتَّى استأثرَ به السُّلطانُ محمَّد الثاني بن مراد الثاني، الذي لُقِّب بالفاتح، وذلك في سنة (857هـ/ 1453م)، وتغيَّرَ بذلك وجهُ التَّاريخ، وخريطةُ العالم السِّياسية. ..
قضى السلطان شبابه يطلب العلم على عكس ما صوّره أعداؤه بأنه كان شخصاً جاهلاً لا يعرف القراءة والكتابة إلا بصعوبة؛ فهو قد درس اللغة التركية والفارسية والعربية والفرنسية، وكان يقول الشعر، ومحبَّاً للمطالعة.. كما عُرِفَ بتقواه وتمسُّكه بدينه، وتقول عنه ابنته عائشة: "كان والدي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويقرأ القرآن الكريم، وكان كثير الارتياد للجوامع، لا سيما في شهر رمضان".
..
|