|
بطر النعمة من أبشع أنواع البطر وأشدها على النفس وأسوءها عاقبة ومذمة، خاصة وأن صاحبه انقطعت عنه الحجة وسقطت منه المعذرة، فصدور العصيان ممن هو في غاية الإنعام أقبح القبائح وغاية الخسران، وقد كان الأولى بالمتنعمين لزوم عتبة الشكر والاستمساك بعروة الحمد، ولكنها النفس الدنيئة التي تعلقت بالدنيا واطمأنت لها حتى تناست يوم الجزاء. ..
حين تجف داخلَ النفس الإنسانية عاطفة الإحساس بآلام الآخرين وحاجاتهم، وحين تنعدم من القلوب الرحمة تحل القسوة بالقلوب فتمسي مثل الحجارة التي لا ترشح بأي عطاء، أو أشد قسوة من الحجارة لأن من الحجارة ما تتشقق قسوته الظاهرة فيندفع العطاء من باطنه ماءً عذبًا نقيًا، ولكن بعض الذين قست قلوبهم يجف من أغوارها كل أثر للفيض والعطاء. ..
إلى من عرفته فعرفت فيه معاني النخوة والرجولة، إلى من تجمعني فيه أصدق صحبة وأزكى أخوة، إلى من أرّقني التفكير في حاله، وأسهرني الدعاء له بصلاح أحواله، أشهد الله أني أحبك في الله وأسأل الله أن تكون هذه الرسالة نقطة تحول في حياتك وأن تصل كلماتي إلى قلبك الذي أرى بياضه قد انعكس في صفحات وجهك.. وما حملني أن أرسل لك هذه الكلمات إلاّ لما رأيته فيك من حرص على الخير وحب للخير. ..
البعض يحلل على هواه و البعض يحرّم دون دليل، والبعض لا يكترث جهلاً منه بضرر ذلك البالغ على القلب و منه إلى المعتقد و منه إلى الفعل فيفسد إيمانه من جميع نواحيه. حاولنا على قدر المستطاع أن يشبع العرض كل من يقرأه، و لكننا أقل من ذلك بكثير، لذا أخذنا أساسها من ملخص رسالة " الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى" للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي و أضفنا لها ما هدانا له الله-عز وجلّ- من الأدلة الشرعية التي لم تكن بها. ..
أيَّها المسلمون: خمران مسكران مفسدان، حرّمهما الإسلام، ونهى عنهما أشد النهي، أحدهما يُسكر البدن، ويُذهبُ العقل، لكنَّهُ على الرغم من خطرهِ وعظم شره، لا يلبثُ صاحبهُ أن يفيق من سكره ويعود إلى رشده، وأمَّا الخمر الآخر، فإنَّهُ يُسكر الروح، ويُفسد القلب، ويستولي عليه، فلا يبقي فيه مكاناً لمحبةِ الله وتعظيمهِ والأنس به، وهذا الخمرُ لا يَكادُ صاحبهُ يفيقُ منه، إلا أنَّ يتداركهُ الله برحمةٍ منه. ..
هكذا صار يروج له كثير من المفتونين.. وحينما تسمع للبعض حين حديثه عن هذه المسالة أنه أمر محل خلاف كسائر مسائل الدين المختلف فيها.. وما علم هؤلاء انه ليس كل خلاف معتبر الأخلاف له حظ من النظر.. ومن هناء فأني أنقل للإخوة هذا لبحث المنقول من كتب أهل العلم.. إرادة بيان أن المسالة لا خلاف فيها على الحقيقة.. وإنما هو خلاف ضعيف وضعيف جداً.. وحتى ليغتر مغتر بكلام من أخطاء من أهل العلم فأنه ما من أحد إلا وله زلة والعبرة بقول الله وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ..
عجباً لأمر بعض الناس، ما إن يسمع بزلة عالمٍ أو طالب علم، أو رأيٍ شاذ يُخالف ما عليه جماهير أهل العلم، إلا ويسارع إلى تبنيه ونشره، والدفاع عنه، لا لشيءٍ إلا لأنَّهُ وافق هواً في نفسه، بدليل أنَّ ذلك العالم أو طالب العلم، لو أفتى بما يخالفُ هوى هذا المتشهي لكتمه، ولأعرض عنه، وهذا دليلٌ على مرض القلب، الذي يحمل صاحبهُ على إتباع الهوى. ..
وليعلم أن هذا في غناء ذلك الوقت فماذا يقال في غناء هذا الزمن الذي اشتد قبحه وعظم خبثه وتفنن في عرضه على الناس أهل الفسق وصار من دواعي الفجور وعظائم الأمور والله المستعان هذا ما تسير إيراده وما تركته أكثر من أقوال العلماء والفقهاء من كافة المذاهب ولقد حرصت أن لا اذكر إلا ما صح سنده، وفيما ذُكر مُقنع لطالب الحق أما من اتبع هواه فلا حيلة فيه والله المستعان. ..
يلعب الغناء في هذه الأيام دورا هاما في القضاء على هذه الأمة سواء شعر أفرادها بذلك أم لم يشعروا ويكفي للاستدلال على ذلك تشجيع الغرب على انتشار الغناء وذيوعه بين أوساط المسلمين ولا سيما الشباب منهم وكذلك ما يفعله أذناب الغرب في بلاد المسلمين الدعاة على أبواب جهنم الذين يهدفون إلى إفساد المسلمين وانتشار الفاحشة بينهم وإلهائهم عن قضاياهم المصيرية وفصل دينهم عن حياتهم وإلى غير ذلك من الأهداف القبيحة التي ترمي إلى الإفساد والتي يستخدمون الغناء كوسيلة لتحقيق ذلك. ..
|