الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى ولاسيما النبي المصطفى سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الوفا وعلى من سلك نهجهم واقتفى واتبع هديهم وبه اكتفى وبعد..
فتقبل الله مِنّا ومِنكم صالح الأعمال.
وهذا عيد الأضحى المبارك عيد النحر يعود علينا، ليذكرنا بنعم الله المتكاثرة وآلائه المتناثرة، وهؤلاء هم الحجيج قد أكرمهم الله بالتلبية ورزقهم الطواف والسعي وسوق الهدي يوم التروية.
وهذا يوم عرفة خير يوم وأفضل يوم، وأحب يوم إلى الله عزّ وجل فيه يغفر الذنوب ويستر العيوب ويقبل توبة من يتوب.
وهذا يوم النَّحر يوم التضحية يوم الفِداء الذي فيه أحبّ عمل يتقرّب إلى الله به هو إهراق الدماء.
وتلك قصيدة أكرمني الله بها أسوق فيها تلخيصاً لأهم وأشهر آداب يوم عرفة وعيد الأضحى، ولا أزعم ولا أدّعي الإجادة ولا الاستيعاب؛ بل لقد نظمتها ليلة أمس السبت على استعجال لعلي أُدرِك ما قدر لي الله من الأجر والثواب.
وإنما سُقْتُ ما يتعلّق بغير الحجيج ممن لم يكتب لهم الله الحج والطواف وسوق الهدي، ولعلها جاءت مُكمّلة لأختها [شرح الصدر بنظم آداب وأحكام عيد الفطر].
أتى عيد الضحية نعم عيد *** وإن المتقي لهو السعيدُ فخذ أحكامه والزم هداها *** وإن المهتدي لهو الرشيد فعيد النحر عاشر ذي حجيج *** وفضل العشر مشهور أكيدُ وتاسعها به عرفات فاظفر *** بصوم إنه يوم فريدُ به الرحمن أقسم ضمن عشر *** بـ "فجر" إنه الرب المجيدُ
وفضل العشر عند الله أعلى *** ولا حتى الجهاد فلا تحيدوا وضمن الأربع الحرم اعددنه *** وفي عرفاتهم والنحر عيدُ وفيه الملة العصماء تَمَّتْ *** فلا نقص يُصيبُ ولا مزيدُ فلا تدع الدعاء فإن خير الـ *** دعاء دعاؤه فاز الحفيدُ
وفي عرفات من بركات ربي *** ومن رحماته عُتِقَ العبيدُ ويا سعداً لمن بهم يباهي *** ملائكة السما الربُّ الودودُ هو الركن العظيم فلا تدعه *** فوقفته هي الحج الأكيدُ به سنة مضت وكذاك تأتي *** يكفر ذنبها يا من تريدُ
فهيا كبروا الرحمن فجراً *** إلى عصر الأخير ولا تزيدوا بثالث عشرها في كل وقت *** وفي سوق وبيت ولتجودوا وأدبار الصلاة وفي المساجد *** وللنسوان سراً لا تحيدوا وصيغته الزموا ما صح منها *** عن الأصحاب قد فاز العميدُ
وإياكم وتكبيرات جمع *** بصوت الفرد يفعله العنودُ ألا فلتغتسل يا صاح والبس *** جديد الثوب إن وجد الجديدُ بلا سرف ولا إسبال طرفٍ *** ولا حلق اللحى هذا شديدُ ومسُّ المسك أو طيبٍ جميلٌ *** كذاك الكحلُ خير بل مفيدُ
ولكن النساء بغير طيب *** ومن فعلته تُمنَعُ أو تعودُ ولا تتبرجي يا أخت كلا *** ففيه النهي شرعاً والوعيدُ ألا يا أختنا في الله توبي *** فإن الله يقبل من يعودُ دعي عنك التبرج إن هذا *** لعمر الله إجرام شديدُ
فوا عجبا لزوجٍ ليس يرضى *** لزوجته الحجاب ..فما يريدُ؟ يريد جمالها للناس يبدو *** إذا خرجت يضج لها الوجودُ يجود بعرضه يا ويح عبدٍ *** وهل بالعرض مفضال يجودُ! وبعض نسائنا ذات النقابِ *** لها رأي من الفتوى فريدُ
وتخرج للصلاة بلا حياءٍ *** لتنتهك المحارم والحدودُ فصنها يا أخا الإسلام واحفظ *** حدود الله قد خاب العنيدُ ويا أخت الهدى فدعي المعاصي *** فأخذ الله للعاصي شديدُ وإياك اختلاطاً بالرجالِ *** ولا تخضعن ما خضع الْمُريدُ
وعاشِرُها ف"يوم النحر" يُسْمَى *** فمن خيراته فلتستزيدوا خرجنا كلنا نسعى إليها *** صلاة العيد فاجتمع الوفود نكبر في خضوع وابتهال *** بذكر الله يبتهج الوجود نردد معلنين "الله أكبر" *** فيخنس عن مصلانا المريدُ
بذكر الله يعلو كل صوتٍ *** فيحترق المكابر والحقودُ وشرع الله إصلاح وهدي *** ومصلحة الخلائق والحدودُ وتسلم أمة الإسلام مما *** يحاك بها وينهزم اليهودُ نصلي في الخلاء العيد هدياً *** وخطبته فلاح فاستفيدوا
وذات الحيض تجتنب المصلى *** وتشهدها كما حضر الشهودُ و"شرح الصدر" فيها الوصف سهلاً *** كـ "عيد الفطر" منتظماً فعودوا ووقت النحر من بعد الصلاة *** وإن قبل الصلاة فلا يفيدُ ويجزئ في جميع اليوم ذبحٌ *** كذاك ثلاثة التشريق زيدوا
وأفضلها صباحاً ليس شرطاً *** وفي الأنعام تعتبر القيود وقد شرعت ولا إلزام فيها *** على الترجيح بل ندب أكيدُ وإن ذو فاقة يرجو وفاءً *** فإن الله يخلف من يريدُ وإلا فالتسلف فيه عسرٌ *** وتضييق وإرهاق شديدُ
وقالوا بالوجوب لذي يسارٍ *** وفي استحبابها القول السديدُ فمن إبل وأبقار وضأن *** ومعز تمَّ فاختاروا وجودوا وسُبْع العير فالأبقار يجزي *** وشرك الضأن ليس له وجودُ وكبش أملحٌ خير وأولى *** من التشريك فاز المستزيدُ
وفي"لا تذبحوا إلا مسنة" *** عن المختار قد ثبت الورودُ ففي الإبل المسنةُ ذات خمس *** وفي البقر اثنتان فما يزيدُ وفي الغنم الثنية فاعرفوها *** لها سنة ولا يجزي الوليدُ وإلا فاذبحوا جذعا بضأنٍ *** لستة أشهر هذي حدودُ
وبيضاء فعفراء فسودا *** بأكملها وأحسنا فجودوا وإياك المعيبة أن تضحي *** بها حاشاك بل أنت الرشيدُ كعرجاء وعوراء وعَجْفَا *** كذاك مريضة هذا بعيدُ أتى فيها الحديث عن البراء *** وفي الإرواء إسناد سديدُ
وعيب مثلها أو زاد عنها *** فهذي ستة أخرى تزيدُ فعمياء وبتراء وزمنى *** وذو بشم فهذي لا تفيدُ وإن عسرت ولادتها وأخرى *** إصابتها تميت،أذاك جودُ؟ فإن سلمت و تملكها بشرعٍ *** كذا بالإذن تلك هي الحدود
كذي هبة وذي الصدقات أيضاً *** من الميراث ذا حظٌ سعيدُ فأضجعها ليسراها مريحاً *** وفي يمناك سكينٌ حديدُ سوى بالعظم أو ظفر ويجزي *** جهاز الكهربا هذا الجديدُ وجاز لأعسر ذبح ونحرٌ *** ونحر البدن قائمة حميدُ
عليه النص في القرآن"وانحر" *** ولفظ "الحج" قد صُفَّتْ تفيدُ على القدمين واليمنى وهذا *** مع الإحسان يحسنه الْمُجِيدُ وفي استقبال قبلتنا تمامٌ *** بمذبحها وذا قول سديدُ ومن لم يلتزم فخلاف أولى *** وصح الذبح منه فلا يعيدُ
ومعتبر هو الإسلام فيه *** وعقل ثم حِلٌّ إن تصيدوا ومن أهل الكتاب يجوز ما لم *** يهل بكفرهِ هذا طريدُ كذا في الذبح والتوكيل شرطٌ *** ويطعمها القريب أوالبعيدُ فـ "بسم الله" قل "والله أكبر" *** مع الحلقوم ينقطع الوريدُ
كذاك مريئها أدنى الكمال *** وسفح دمائها شرط أكيدُ ولا تعجل بكسر قفاً وسلخٍ *** فذا إثم وعصيان عتيدُ وإن ند البعير فصده صيدا *** كذا إن صال أو كان الشرودُ وإن عرقبته لا إثم فيها *** ليسلم من غوائله الحشود
ذكاة جنينها إن مات فيها *** فللجمهور قد حل الوليدُ وما قطعوه قبل الذبح منها *** حرام أكله قول وحيدُ وبيعك بعضها شينٌ قبيحٌ *** ومثل اللحم شعر والجلودُ وأجرة ذبحها لا لحم فيها *** سوى الإهداء كلا بل نقودُ
وكل ما شئت وادخرنْ وأطعم *** وصل من شئت وافعل ما تريدُ ولا إلزام بالتثليث فيها *** وقد وجب التصدق يا رشيدُ وليس ينال ربَّكَ من دماها *** ولا من لحمها ..هذا بعيدُ سوى التقوى ونعم الذخر فاظفر *** بها إن التقيَّ هو السعيدُ
وقد تمت بحول الله ربي *** قبيل غروب خامسها القصيدُ على مائة أتت "فُصْحَى بنظمٍ *** لأحكام الأضاحي" نعم عيدُ فيا رباه فاقبلها رجاءً *** وأخلص نبيتي أنت المجيدُ وأعقبني من الأبناء خيراً *** وبارك زوجتي أنت الحميدُ
وبالحسنى ختام العمر قدِّر *** وفي الجنات يا نعم الخلودُ وشفع خير خلق الله فينا *** ونظرة رحمة تمَّ المزيدُ وصل على رسول الله دوماً *** وآلٍ والصحاب هم السعودُ
ابن الأزهر ومُحبّه الشيخ أبو أسماء الأزهري كارم السيد حامد السروي إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية aboasmaa20011@yahoo.com
.................................................... المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام