|


|
شبكة المرابط الاسلامية - - الجمعة 16 / 10 / 2020 - 11:55 صباحاً |
|
دواؤك فيك منة شرع
يحدث كثيرًا أن يذهب أحدهم - عافاك الله - للطبيب، لمرضٍ ما قد آلم بجسده ولا يعلم له سببًا، يظن أن به مرضًا ويتساءل عن المشكلة التي أصابته؛ فيقرر أن يذهب لمشفى أو عيادة لعله يحظى بما يطمئن نفسه ويُهدّئ شكوكه.
وعندما يسأله الطبيب عدة أسئلة ليُجري فحوصاته وتحليلاته للأعراض الظاهرة عليه، يكون الرد عليها بالإنكار؛ فتذهب عن الطبيب شكوكه في بعض الأمراض المحتملة لتلك الأعراض، وفي النهاية يصل الطبيب لنهاية واحدة لا يستطيع أن يرد عليها المريض إلا بالإيجاب، ويقول: هل تقوم بمجهود كبير يؤدي بك للإجهاد الشديد؟ هل لديك أيَّة مشاكل نفسية كالتوتر والضغط والاكتئاب؟
هنا يتوقّف قليلًا.. ويستفتِ نفسه، وإذا به بنظرةٍ فاترة يجيب: ربّما..
الكثير والكثير من الأعراض المرضية لا يكون السبب فيها إلا هذه المشكلات التي تتحكّم أنت فيها، وتنسَى أن تنتشل نفسك منها حتى تظهر عليك أعراض إعراضك عن حماية ذاتك.
أحيانا لا تكون الظروف متيسرة بشكل كافٍ لتمتنع عما قد يؤذيك نفسيًّا وبدنيًّا، لكن أولًا وأخيرًا أنت المتحكم! وبإمكانك أن تنقذها دون الالتفات للعواقب التي ربّما لا تسرك بعد أن تقرر أن تحافظ على نفسك وأن تقف ضد أي شيء يمنعك من ذلك.
ولعلك تمنيت يومًا.. ألا تُوضَع في هذا الاختيار أبدًا، وقلت: ماذا لو أن باستطاعتي أن أُكمِل حياتي بشكلٍ طبيعي حتى لو تطلّبت مني ظروفي في بعض الأحيان أن أبذل مجهودًا بدنيًّا وعقليًّا ونفسيًّا أكثر من المعتاد؟
ولكنها الحكمة الإلهية، والطبيعة التي خُلِقت عليها تطلَّبت ذلك.. فكانَ الذي نحنُ عليه.
إنَّ أجسادنا وأجهزتنا العصبية صُنع الخالق - عزّ وجل -، الذي أحسن خلق كل شيء، وما من شيء على هذه الأرض إلا وتتجلّى فيه عظمة الخالق وحكمته الواسعة، فإنَّ هذا الألم المُصاحَب بالإرهاق الجسدي والنفسي الشديد لهو والله عين الرحمة!
هو بمثابة إشارة وتنبيه لك لتتوقف عن الاقتراب من كل ما يؤذيك، لتراجع حساباتك مع نفسك فتمتنع عن مطالبتها بما لا تتحمله، وتصالحها وتصلح ما أهمَلته فيها.
دائمًا ما ستجد أنه لا يمكنك التعدي على حقوق نفسك دون أن تدفع ضريبة هذا التعدي.
قال تعالى: ﴿ إنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [الحجر:٨٦].
تأمَّل الآية قليلًا.. نعم لم تُخلَق عبثًا!
بل إبداع الخالق وعلمه بطبيعتك البشرية التي قد تودي بك للهلاك يتمثّلان فيك، ورحمته بك وَسِعت كل خلاياك الجسدية والعصبية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بين ما تمر به، وما تشعر به؛ لتذكّرك بحق نفسك عليك، فتعزّها وتكرمها، وتتعلم أن تهتم بها أكثر، وتحبها أكثر، وتدرك أن كثيرًا ما سيكون الدواء فيك ولكنَّك قد لا تشعر!
دَوَاؤكَ فِيكَ ومَا تُبصِر
ودَاؤك مِنك ومَا تَشعُر
وتَحسَبُ أنّك جِرمٌ صَغِيرٌ
وفِيكَ انطَوَى العَالَمُ الأكبَر.
------------------ نقلاً عن شبكة الألوكة
|
|
|
عرض الردود

|