|


|
شبكة المرابط الاسلامية - - الجمعة 16 / 10 / 2020 - 12:12 مساءً |
|
العبث بالغياب أ. د. علي بن إبراهيم النملة
العالم يعيش اليوم حالةً من التنظيم الدولي والإقليمي، والملحوظ للجميع أنَّ هناك منظَّمات دولية وإقليمية يُراد منها أنْ ترعى مصالحَ الناس، وما يخدم الإنسان - في هذه الدنيا على الأقل - ومراعاة المصالح تقوم على أساس من نظام (قانون)، أو أنظمة (قوانين) يُطلب من الدول الأعضاء - في أيِّ تنظيم - المصادقة عليها، والتوقيع عليها، وتنفيذها على مجتمعها، بموجب موادَّ وفقرات، تُحاسب على الإخلال بها أيُّ دولة، بطريقة من المحاسبة يضعها النِّظام (القانون) وموادُّه، والذين يضعون هذه الأنظمة (القوانين) مجموعة من المتخصِّصين والخبراء في القانون الدولي، وهؤلاء يعودون إلى ثقافات مختلفة، ليست بالضرورة ملائمة لجميع ثقافات الشعوب.
من هذا المنطلق نجد أنَّ كثيرًا من المهتمِّين يجد حرجًا كبيرًا في قبول هذه الأنظمة (القوانين)، التي تُصاغ على شكل اتِّفاقيات؛ ذلك أنَّه يوجد في صياغتها عبارات لا تتَّفق - بالضرورة - مع نظرة الإسلام للموضوع، الذي وضِع له النِّظام (القانون)، والحرج يكثر - أيضًا - إذا ما جاءت الصِّياغة من منظَّمة دوليَّة، لم يبدُ عليها احترامها أو تقديرها للمجتمع المسلم في المعاناة التي يمرُّ بها - الآن - في أكثر مِن مكان، مما يوحي بفَقد المصداقيَّة في هذا الجانب على الأقل، وقد يقود هذا إلى فقدان المصداقيَّة في الجوانب الأخرى التي ترعاها هذه المنظَّمات الدولية، بغضِّ النظر عن مجالات اهتمامها.
يمكن التغلُّب على هذا الحرج الكبير بمشروع طويل المدى، وفيه صعوبة آنية، ولكنه متحقِّق بإذن الله؛ وذلك بالانخراط القويِّ في هذه التنظيمات الدولية.
يتحقَّق الانخراط القوي من خلال الخبرات ذات الخلفيَّة الإسلامية، وليس في التمثيل والاشتراك في المنتديات والمحافِل والمؤتمرات الدوليَّة فحسب؛ بحيث يقتصر الأمر على خِطاب أو بيان أو اعتراضات، بل إنَّ الخبرة مَطلوبة لاقتحام هذه المؤسَّسات الدولية بالخبرة والعقول، التي تسهِم في صياغة النظم، وتقدِّم البدائلَ التي لا تفرض - بالضرورة - التوجُّه الإسلامي على أنَّه توجُّه إسلامي، ولكنْ على أنَّه بديل يلقى القبولَ لدى معظم الأعضاء، إنْ لم يكن كلهم؛ لأنه يُفترض في الصياغة البديلة أنها منطلقة من مفهوم قابل للتطبيق على الجميع، ويقصد عدم التركيز على التصنيف الأيديولوجي التخلُّص من الحذر الذي يَستقبله الآخرُ به؛ لعوامل عدَّة، لا مجال للخوض فيها، قد يكون مِن أبرزها عامل الجهل بالبديل، وقيام هذه المنظَّمات على نبذ الخلفيات الأيديولوجية - ظاهرًا - وعدم إقحامها في سَنِّ النظم والاتِّفاقيات، أيْ: عدم أدلجة النظم (القوانين) الدولية.
لا يجدي انتظار الصِّياغات الأخرى، ثم نقدها والتحفُّظ عليها جميعًا؛ بسبب ورود ما يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلاميَّة؛ إذ المطلوب الإيجابيَّة في هذا المجال بالاشتراك في وضع النظم (القوانين) والاتِّفاقيات الدوليَّة، والاشتراك سوف يريح الدولَ الإسلامية عمومًا، عندما تَنظر إلى هذه النظم (القوانين) والاتِّفاقيات للمصادقة عليها، ثم التوقيع عليها، فتطبيقها على مجتمعها.
بالاشتراك في هذه المجالات فوائد أخرى غير هذه، يمكن أن يكون منها تقديم الإسلام بالصُّورة العمليَّة التي ينبغي أنْ يقدم بها.
|
|
|
عرض الردود

|